على الرغم من أن الأوروبيين ومن بينهم (الطليان) يتعاملون باحترافية، ويمنحون المدربين الفرصة كاملة للعمل على مدى سنوات، وليس لفترة بطولة أو مباريات محددة أو خسارة مباراة ما، إلا أن الاتحاد الإيطالي سار على نهج غير المحترفين وفي مقدمتهم (العرب)، ولاسيما الخليجيون الذين يتعاطون مع المدرب حسب نتيجة ما أو بطولة أو حتى بسبب أسلوب التدريب!!
المنتخب الإيطالي في بطولة (يورو 2008) قدم كرة هجومية مع المدرب المتجدد (دونادوني)، لكن المدرب الشاب الطموح تعرض لـ (التشريح)، والنقد القاسي، ليس من الجماهير والإعلام فحسب، بل حتى الخبراء وفي مقدمتهم (مالديني) محلل (الجزيرة الرياضية) الذي كان في قمة غضبه بعد الخسارة بركلات الترجيح أمام إسبانيا في الدور ربع النهائي، وقال مالديني (المدرب دونادوني حاول إشراك بعض اللاعبين إرضاء للصحافة، ومنذ أول يوم عين فيه قلت رأيي بأن المدرب يجب أن يكون ليبي!!)، وشدد مالديني على أن (إيطاليا لم تلعب كرة، فهي بطيئة، واللاعبون لا يصغون إلى مدربهم دونادوني!!).
أيضا الصحافة الإيطالية، انتقدت اسلوب دونادوني (الهجومي)!!، واعتبرته من أسباب الخروج المر، متناسية أن المدرب فقد أهم ركائزه في الدفاع (كانافارو)، الذي له ثقله (مدافعا) و(قائدا) وهو في الأصل حصل على جائزة (أفضل لاعب في العالم) خلال مونديال 2006، ولكنه أصيب قبل انطلاقة (يورو 2008)، كما أن المنتخب الإيطالي تعرض لأخطاء تحكيمية في أول مباراتين، ولاسيما الأولى التي خسرها بنتيجة قاسية أمام هولندا، هذه المباراة أرهقت نفسيات الإيطاليين ومن يحب (الآزوري).
لا شك أن تكتيك (بطل العالم) في هذه البطولة التنافسية الكبرى بين (أبناء أوروبا) لم يكن جيدا في الدفاع، ولم يحقق أمنيات الطليان ومحبي الفريق الأزرق، بيد أن ردة الفعل من قبل المسؤولين كانت عاطفية أكثر من الاستناد إلى تقييم منطقي، ولم يكن قرارهم مقنعا إلا في حالة واحدة إذا كان المدرب الشاب (ضعيف شخصية) وغير واثق من نفسه وقدراته، مثلما أكد مالديني بأنه حاول مجاملة الصحافة!! فهنا يعتبر اختياره في الأصل خطأ، لأنه لا يعقل أن يكون الاتحاد الإيطالي غير ملم بشخصية ومقومات مدرب توكل إليه مهام (بطل العالم)!!
والأكيد أن (خبيرا) مثل مالديني لا يمكن أن يطلق أحكامه جزافا، أما إن كانت المعلومات مغلوطة، فالكارثة أكبر أيها الخبير الكبير!!
وفي هذا السياق يعتبر (دونادوني) ضحية أسلوب لعب تعود عليه (الطليان) .. الدفاع ثم الدفاع .. ولا للهجوم!!
هذه من السلبيات التي يجب أن نستفيد منها لنطور رياضتنا وثقافتنا الكروية، مع يقيني (لو) أن إيطاليا تأهلت بـ (ضربات الترجيح) على حساب إسبانيا، ومضت قدما بعد عودة أهم أسلحتها (بيرلو) لربما أصبح (دونادوني) أحسن مدرب في العالم، ونظمت فيه قصائد مدائحية.. بعنوان (دونادوني غير مفاهيم إيطاليا الدفاعية).